التجارب والضيقات
صفحة 1 من اصل 1
التجارب والضيقات
التجارب والضيقات
اعتدنا في الصوم الكبير, ان نتذكر تجارب المسيح لة المجد.
وفي الحديث عن التجارب, يهمنا ان نذكر بعض ملاحظات هامة’
منها :
التجارب للكل
لا تخلو حياة انسان – ايا كان – من التجارب والضيقات ... فهي للكل , حتي للانبياء والقديسين , حتي السيد المسيح نفسة , الذي كان...
"مجربا في كل شئ مثلنا بلا خطية"
[عب4: 15]
ولم تكن تجاربة علي الجبل سوي مثال للتجارب التي شملت حياتة كلها...والسيدة العذراء ايضا كانت حياتها مملوءة بالتجارب , منذ يتمها المبكر , وحبلها العذراوي الذي شك فية يوسف اولا , ثم اضطرارها للسفر الي مصر...والانبياء جميعا تعرضوا للضيقات ...كم من ضيقات لاقاها داود النبي من شاول الملك , الذي كان يطاردة في كل مكان لكي يقتلة...ويوسف الصديق تعرض لتجارب عديدة , من اخوتة , ومن امراة فوطيفار ... بيع كعبد , والقي بة في السجن , وهو رجل بار ...
ودانيال النبي القي بة في جب الاسود ...والثلاثة فتية القديسون القوهم في اتون النار ...وبطرس وبولس الرسولان القي بهما فالسجن...واسطفانوس الشماس رجموة...وما اكثر الضيقات التي تعرض لها الشهداء والمعترفون ...
فلا يظن احد اذن ان التجارب والضيقات هي للخطاة بسبب خطاياهم وانما هي لجميع الناس , وبالاكثر للابرار والقديسين ...
وقد قال السيد المسيح لتلاميذة القديسين
"في العالم سيكون لكم ضيق"
[يو16: 33]
وقيل ايضا في المزمور :
"كثيرة هي بلايا الصديق , ومن جميعها ينجية الرب"
[كز34: 19]
جميع الابرار اجتازوا في بوتقة الالم , واختبروا الضيقة والتجربة ...ولم يستثنيهم اللة من ذلك , بل كانت الامهم اكثر...
وهنا نضع امامنا قاعدة هامة وهي ان
التجارب لا تعني تخلي اللة
التجارب لا تعني تخلي اللة
ان اللة كاب حنون , لا يتخلي عن اولادة مطلقا ...
وسماحة بالتجربة لا يعني مطلقا انة تخلي عنهم , او انة قد رفضهم ...ولا يعني ايضا غضبة او عدم رضاة ...بل هو يسمح بالتجربة لمنفعتهم , ويكون معهم في التجربة :يعينهم ويقويهم ويحافظ عليهم , ويسندهم بيمينة الحصينة...لقد سمح ان دانيال النبي يلقي في جب الاسود...وفي نفس الوفت لم يسمح مطلقا للاسود ان تؤذية...بل خرج دانيال سليما من الجب , وهو يغني قائلا
"الهي ارسل ملاكة , وسد افواة الاسود"
[دا 6: 22]
وسمح بالقاء الثلاثة فتية في اتون النار , ولكن
" لم تكن للنار قوة علي اجسادهم...وشعرة من رؤوسهم لم تحترق , وسراويلهم لم تتغير ورائحة النار لم تات عليهم "
[دا 3: 27]
وكان الرب يتمشي معهم في اتون النار...
وفي هذة القصة درس عميق هو :
ان اللة لا يمنع النار عن اولادة , ولكنة يمنعها من ان تحرقهم...
التجارب تاتي ولا تؤذي
الهنا الحنون لا يمنع الحوت من ان يبلع يونان النبي...وفي نفس الوقت لا يسمح لة بايذائة...
ويخرج يونان من بطن الحوت سالما , لكي يؤدي رسالتة...
وتحمل قصتة درسا ورمزا...
لقد سمح اللة لشاول الملك ان يطارد داود...وفي نفس الوقت لم يتخل اللة عن داود , ولم يسمح لشاول بايذائة...
انة يسمح بالضيقة , ولكن بشرط ان يقف معنا فيها:
وهكذا يغني المرتل في المزمور
"لولا ان الرب كان معنا , حين قام الناس علينا , لابتلعونا ونحن احياء , عند سخط غضبهم علينا...مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لاسنانهم , نجت انفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين . الفخ انكسر ونحن نجونا"
[مز124]
انة اختبار روحي جميل , ان نري اللة في التجارب...نراة معنا وبقوة...
وربما لولا التجارب ما كنا نراة هكذا...وهذة هي احدي فوائد التجارب العديدةالعمق الروحي للتجارب , هو انة لا يجوز لنا ان نراها , بدون ان نري اللة فيها...فاللة يسمح لقوي الشر ان تقوم علينا...ولكنة في نفس الوقت يامر القوات السمائية ان تقف معنا وتحمينا ونحن نغني مع اليشع النبي الذي اجتاز نفس التجربة , ونقول :
"ان الذين معنا اكثر من الذين علينا"
[2مل6: 16]
ويقول الرب لكل واحد منا
"لا تخشي من خوف الليل , ولا من سهم يطير في النهار...يسقط عن يسارك الوف , وعن يمينك ربوات... واما انت فلا يقتربون اليك"
[مز91: 5, 7]
من اجل هذا كلة اقول :
ان المؤمن لا يمكن ان تتعبة التجربة او الضيقات...
ذلك لانة يؤمن بعمل اللة وحفظة...ويؤمن ان اللة يهتم بة اثناء التجربة , اكثر من اهتمامة هو بنفسة...انة يؤمن بقوة اللة الذي يتدخل في المشكلة...ويؤمن ان حكمة اللة لديها حلول كثيرة , مهما بدت الامور معقدة...لذلك فالمؤمن لا يفقد سلامة الداخلي مطلقا اثناء التجربة , ولا يفقد بشاشتة بل يتذكر في ثقة كبيرة قول الرسول
"احسبوة كل فرح يا اخوتي , حينما تقعون في تجارب متنوعة"
[يع1: 2]
ان كل تجربة هي بلا شك خبرة روحية جديدة
يتمتع بها الانسان , وتعمق مفاهيمة الروحية...
وفيها يري اللة كيف يتدخل وكيف يعمل...
اربعة شروط للتجارب
انها قواعد اربع , وضعها لنا الكتاب المقدس في حديثة عن التجارب , وهي :
(1)
لا يسمح اللة بتجربة هي فوق طاقتكم البشرية
ان اللة يعرف احتمال كل واحد منا ...ولا يسمح ان تاتية التجارب الا في حدود احتمال طاقتة البشرية...وفي ذلك يقول الكتاب
"ولكن اللة امين , الذي لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون"
[1كو10: 13]
ولعلك تقول :
ما اصعب التجربة التي وقعت علي ايوب الصديق , في موت كل اولادة , وضياع كل ثروتة , وفقد صحتة , وتخلي كل اصحابة ...من يستطيع ان يحتمل كل هذا !
اقول لك :
لولا ان ايوب كان بامكانة احتمال التجربة ,ما سمح اللة بها لة...ان القامة الروحية الجبارة التي لايوب , كانت تناسب التجربة الهائلة التي وقعت علية...
فقد كان ايوب رجلا كاملا ومستقيما , وليس مثلة في الارض
[اي2: 3]
لا تخف اذن , لو كنت في قامة ايوب لامكن ان اللة يسمح لك بتجارب مثل تجارب ايوب...واما وانت في ضعفك , فان اللة لا يسمح لك الا بما تقدر علي احتمالة هل تخاف ان تحدث لك تجارب مثل التي حدثت للقديس الانبا انطونيوس !
هذا الذي ظهرت لة الشياطين بهيئة وحوش مفزعة مخيفة , والذي ضربتة الشياطين حتي تركتة يوما بين حي وميت...
اطمئن ...
لن يحدث لك هذا , الا اذا وصلت الي الدرجة التي تحتمل فيها مثل القديس انطونيوس , وتنتصر مثلما انتصر...
(2)
تاتي التجربة ومعها المنفذ
اي تاتي ومعها الحل ...فلا توجد تجربة هي ظلمة حالكة السواد , بدون اية نافذة من نور...بل هوذا الكتاب يقول عن اللة
"بل سيجعل مع التجربة المنفذ , لتساطيعوا ان تحتملوا"
[1كو10: 13]
لهذا ليس هناك داع لان يياس احد في وقت التجربة
فلكل تجربة حل , بل حلول لا تنظر الي التجربة في شدتها الحاضرة...انما انظر اليها في رجاء , يري الحل الالهي قادما , حتي ان كانت العين البشرية لا تراة الان , ولكنها تراة بعين الايمان التي تعرف تماما محبة اللة وقدرتة علي الحل...
ان التجربة تاتي ومعها النعمة , ومعها المعونة الالهية , ومعها الحفظ والحلول...
وحتي ان كنت انت من النوع الذي لا يحتمل , فاللة قادر وقت التجربة ان يهبك احتمالا وصبرا وعزاء...وهذا منفذ اخر للتجربة , تمر منة وتعبر , ولا تستمر ضاغطة...تم التجارب الصعبة القوية , هي فقط للاقوياء , امثال ايوب وانطونيوس...وهي ايضا للضعفاء الذين يمنحهم اللة قوة وقتذاك...
قوة ما كانو يتخيلونها في انفسهم...
(3)
التجارب التي يسمح بها اللة هي للخير , او تنتهي بخير
وفي ذلك قال الرسول
"كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون اللة"
[رؤ8: 28]
ولهذا
"احسبوة كل فرح يا اخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة"
[يع1: 2]
هذا الايمان بخيرية التجارب , يعطي الانسان المجرب سلاما وهدوءا واطمئنانا , فلا تطحنة التجربة , ولا تضغط علية , بل علي العكس تمنحة فرحا
(4)
ان لها زمانا محددا تنتهي فية
فلا توجد ضيقة دائمة , تستمر مدي الحياة . لذلك في كل تجربة تمر بك , قل "مصيرها تنتهي" سياتي عليها وقت وتعبر بسلام انما خلال هذا الوقت ينبغي ان احافظ بهدوئك واعصابك , فلا تضعف ولا تنهار , ولا تفقد الثقة في معونة اللة وحفظة...
فوائد التجارب
التجربة شئ نافع بلا شك . ولولا منفعتها , ما كان اللة الشفوق يسمح بها...
كثيرون يريدون ان يكون طريق الملكوت سهلا مفروشا بالورود !!!
ولكن هذا عكس التعليم الذي شرحة لنا الانجيل المقدس , اذا قال الرب فية :
"ما اضيق الباب واكرب الطريق الذي يؤدي الي الحياة . وقليلون هم الذين يجدونة"
[مت7: 14]
وقال
"في العالم سيكون لكم ضيق"
[يو16: 33]
وقيل في الانجيل ايضا
"بضيقات كثيرة ينبغي ان ندخل ملكوت اللة"
[اع14: 33]
هذة الضيقات نحتملها لكي نثبت اننا جادون في سيرنا الي الملكوت
ولكي ندخل الي هذا الملكوت باستحقاق , لاننا بذلنا وتعبنا من اجلة...ان كان التلميذ يتعب ويكد , لكي يحصل علي شهادة دراسية...وان كان كل صاحب عمل لابد ان يتعب , لكي ينجح في عملة...هكذا الطريق الروحي :ينبغي ان نتعب فية لنستحق الملكوت...وصدق الرسول في قولة :
"كل واحد سياخذ اجرتة بحسب تعبة"
[1كو3: 8]
والتعب قد نبذلة بارادتنا , او نحتملة ان وقع علينا بغير ارادتنا
وهكذا تكون التجارب التي يحتملها المؤمنون من اجل اللة والثبات في محبتة ...وقد يكون بعضها في مصارعة النفس من الداخل...وبعضها في تحمل الضيقات من الخارج
وهوذا القديس بولس الرسول يقول :
"بل في كل شئ مظهر انفسنا كخدام اللة , في صبر كثير, في شدائد , في ضرورات, في ضيقات في ضربات في سجون, في اضطربات, في اتعاب, في اسهار, في اصوام"
[2كو6: 4, 5]
ومع ذلك يشرح كيف لم يتضايق-هو وزملاؤة- بشئ من هذا, ولم يفقدوا سلامهم, ولم يفقدوا الرجاء باللة, فيقول :
"وكتئبين في كل شئ...لكن غير متضايقين, مضطهدين...لكن غير متروكين"
[2كو4: 8’ 9]
"كمائتين وهما نحن نحيا,كحزاني ونحن دائما فرحون...كان لا شئ لنا,ونحن نملك كل شئ"
[2كو6: 9, 10]
في الضيقات نشعر بالقوي السمائية الكثيرة المحيطة بنا فنتعزي
فنحن لسنا وحدنا مطلقا في التجربة...ولا في وقن الضيقة,بل تحيط بنا نعمة الرب ومحبتة,وتحيط بنا قوات الملائكة القديسين التي قال عنها اللة انها تحيط بخائفية وتنجيهم,وتحيط بنا ايضا ارواح القديسين,تشجعنا وتقوينا...انها خبرة روحية
ومن فوائد الضيقات في العالم,اننا لا نتمسك بمحبة هذا العالم مشتاقين الي السماء
ولو كان النعيم في هذة الدنيا,ما كنا نشتاق الي النعيم الابدي,في الموضع الذي هرب منة الحزن والكابة والتنهد,حيث
"ما لم ترة عين, ولم تسمع بة اذن,وما لم يخطر علي قلب بشر,ما اعدة اللة لمحبي اسمة القدوس"
ونحن كما قال الرسول :
"غير ناظرين الي الاشياء التي تري,بل الي التي لا تري...لان التي تري وقتية,اما التي لا تري فابدية"
[2كو4: 18]
من اجل ذلك كان الاباء القديسون يشعرون انهم علي الارض غرباء,يعيشون مشتاقين الي الوطن السمائي...ينظرون كل حين بالايمان الي
"المدينة التي لها الاساسات,التي صانعها وبارئها اللة"
[عب11: 10]
ولولا الضيقات لتشبث الناس بالبقاء في غربة هذا العالم الزائل...لذلك نحن نقول عن الشخص في يوم وفاتة,انة قد تنيح اي استراح
استراح من هذاالعالم وكل ما فية من شهوة الجسد والروح وتعظم المعيشة...
واستراح من التعب الذي يبذلة للثبات في روحياتة,
واستراح من الضيقات والشدائد والتجارب التي تختبر ارادتة هنا في هذة الحياة الارضية,
واستراح مما في العالم من امراض ومن تعب للجسد وللنفس
الانسان الروحي لا يتعب من الضيقات...وانما ياخذ ما فيها من فائدة روحية...ويفرح بالاكاليل التي ينالها باحتمال التجارب...لا تهزة التجربة...انما في التجربة يختبر حياة الانتصار الروحي عليها...ويختبر كيف ان اللة
"يقودة في موكب نصرتة"
[2كو2: 14]
ان الانسان لا يكلل الا اذا انتصر...ولا ينتصر الا اذا حارب...ولا يحارب الا اذا تعرض لضيقات تمتحن مدي روحانيتة :
حياتةوثبات ارادتة تابعة للمشيئة الالهية
وفي التجارب يتلامس المؤمن مع محبة اللة العاملة في حياتة
ان اللة اذ يري نحبة الانسان لة في وقت الضيقة,يكافئة بما يظهرة لة من حب...وكم من قديسين تمتعوا بهذا الحب في وقت الضيقة
فالقديس يوحنا الانجيلي راي تلك الرؤيا العجيبة وهو منفي قي جزيرة بطمس من اجل الشهادة بكلمة اللة [رؤ1]
والقديس بطرس اختبر عناية اللة بة وهو في السجن[اع12]
واختبر نفس العناية القديسان بولس وسيلا وهما في السجن ايضا [اع16]
تحدث التجارب احيانا بحسد من الشياطن
وبخاصة في ايام الصوم والتناول والحرارة الروحية
فان الشيطان يستعد ايضا لمقاتلتة ومحاربتة,لكي يسقطة في الخطية او في القبور...
اعني ان الاستعداد هنا متبادل :
استعداد من جانب الانسان للنمو في محبة اللة,واستعداد من السيطان لاسقاطة
ان الشيطان يحزن حينما يجد انسان يسير في طريق اللة
لذلك ان حلت بك التجارب في فترة الصوم,لا تحزن.فهذا دليل علي ان صومك لة مفعولة,وقد ازعج الشيطان
بل ان بعدت عن التجارب ,يمكن ان تتسائل :
لماذا يتركك الشيطان بدون نجارب !
هل احتقر او استصغر جهادك الروحي !
الرب يعطينا بركة التجارب والضيقات ويعطينا النعمة والمعونة للانتصار عليها
التوقيع
اعتدنا في الصوم الكبير, ان نتذكر تجارب المسيح لة المجد.
وفي الحديث عن التجارب, يهمنا ان نذكر بعض ملاحظات هامة’
منها :
التجارب للكل
لا تخلو حياة انسان – ايا كان – من التجارب والضيقات ... فهي للكل , حتي للانبياء والقديسين , حتي السيد المسيح نفسة , الذي كان...
"مجربا في كل شئ مثلنا بلا خطية"
[عب4: 15]
ولم تكن تجاربة علي الجبل سوي مثال للتجارب التي شملت حياتة كلها...والسيدة العذراء ايضا كانت حياتها مملوءة بالتجارب , منذ يتمها المبكر , وحبلها العذراوي الذي شك فية يوسف اولا , ثم اضطرارها للسفر الي مصر...والانبياء جميعا تعرضوا للضيقات ...كم من ضيقات لاقاها داود النبي من شاول الملك , الذي كان يطاردة في كل مكان لكي يقتلة...ويوسف الصديق تعرض لتجارب عديدة , من اخوتة , ومن امراة فوطيفار ... بيع كعبد , والقي بة في السجن , وهو رجل بار ...
ودانيال النبي القي بة في جب الاسود ...والثلاثة فتية القديسون القوهم في اتون النار ...وبطرس وبولس الرسولان القي بهما فالسجن...واسطفانوس الشماس رجموة...وما اكثر الضيقات التي تعرض لها الشهداء والمعترفون ...
فلا يظن احد اذن ان التجارب والضيقات هي للخطاة بسبب خطاياهم وانما هي لجميع الناس , وبالاكثر للابرار والقديسين ...
وقد قال السيد المسيح لتلاميذة القديسين
"في العالم سيكون لكم ضيق"
[يو16: 33]
وقيل ايضا في المزمور :
"كثيرة هي بلايا الصديق , ومن جميعها ينجية الرب"
[كز34: 19]
جميع الابرار اجتازوا في بوتقة الالم , واختبروا الضيقة والتجربة ...ولم يستثنيهم اللة من ذلك , بل كانت الامهم اكثر...
وهنا نضع امامنا قاعدة هامة وهي ان
التجارب لا تعني تخلي اللة
التجارب لا تعني تخلي اللة
ان اللة كاب حنون , لا يتخلي عن اولادة مطلقا ...
وسماحة بالتجربة لا يعني مطلقا انة تخلي عنهم , او انة قد رفضهم ...ولا يعني ايضا غضبة او عدم رضاة ...بل هو يسمح بالتجربة لمنفعتهم , ويكون معهم في التجربة :يعينهم ويقويهم ويحافظ عليهم , ويسندهم بيمينة الحصينة...لقد سمح ان دانيال النبي يلقي في جب الاسود...وفي نفس الوفت لم يسمح مطلقا للاسود ان تؤذية...بل خرج دانيال سليما من الجب , وهو يغني قائلا
"الهي ارسل ملاكة , وسد افواة الاسود"
[دا 6: 22]
وسمح بالقاء الثلاثة فتية في اتون النار , ولكن
" لم تكن للنار قوة علي اجسادهم...وشعرة من رؤوسهم لم تحترق , وسراويلهم لم تتغير ورائحة النار لم تات عليهم "
[دا 3: 27]
وكان الرب يتمشي معهم في اتون النار...
وفي هذة القصة درس عميق هو :
ان اللة لا يمنع النار عن اولادة , ولكنة يمنعها من ان تحرقهم...
التجارب تاتي ولا تؤذي
الهنا الحنون لا يمنع الحوت من ان يبلع يونان النبي...وفي نفس الوقت لا يسمح لة بايذائة...
ويخرج يونان من بطن الحوت سالما , لكي يؤدي رسالتة...
وتحمل قصتة درسا ورمزا...
لقد سمح اللة لشاول الملك ان يطارد داود...وفي نفس الوقت لم يتخل اللة عن داود , ولم يسمح لشاول بايذائة...
انة يسمح بالضيقة , ولكن بشرط ان يقف معنا فيها:
وهكذا يغني المرتل في المزمور
"لولا ان الرب كان معنا , حين قام الناس علينا , لابتلعونا ونحن احياء , عند سخط غضبهم علينا...مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لاسنانهم , نجت انفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين . الفخ انكسر ونحن نجونا"
[مز124]
انة اختبار روحي جميل , ان نري اللة في التجارب...نراة معنا وبقوة...
وربما لولا التجارب ما كنا نراة هكذا...وهذة هي احدي فوائد التجارب العديدةالعمق الروحي للتجارب , هو انة لا يجوز لنا ان نراها , بدون ان نري اللة فيها...فاللة يسمح لقوي الشر ان تقوم علينا...ولكنة في نفس الوقت يامر القوات السمائية ان تقف معنا وتحمينا ونحن نغني مع اليشع النبي الذي اجتاز نفس التجربة , ونقول :
"ان الذين معنا اكثر من الذين علينا"
[2مل6: 16]
ويقول الرب لكل واحد منا
"لا تخشي من خوف الليل , ولا من سهم يطير في النهار...يسقط عن يسارك الوف , وعن يمينك ربوات... واما انت فلا يقتربون اليك"
[مز91: 5, 7]
من اجل هذا كلة اقول :
ان المؤمن لا يمكن ان تتعبة التجربة او الضيقات...
ذلك لانة يؤمن بعمل اللة وحفظة...ويؤمن ان اللة يهتم بة اثناء التجربة , اكثر من اهتمامة هو بنفسة...انة يؤمن بقوة اللة الذي يتدخل في المشكلة...ويؤمن ان حكمة اللة لديها حلول كثيرة , مهما بدت الامور معقدة...لذلك فالمؤمن لا يفقد سلامة الداخلي مطلقا اثناء التجربة , ولا يفقد بشاشتة بل يتذكر في ثقة كبيرة قول الرسول
"احسبوة كل فرح يا اخوتي , حينما تقعون في تجارب متنوعة"
[يع1: 2]
ان كل تجربة هي بلا شك خبرة روحية جديدة
يتمتع بها الانسان , وتعمق مفاهيمة الروحية...
وفيها يري اللة كيف يتدخل وكيف يعمل...
اربعة شروط للتجارب
انها قواعد اربع , وضعها لنا الكتاب المقدس في حديثة عن التجارب , وهي :
(1)
لا يسمح اللة بتجربة هي فوق طاقتكم البشرية
ان اللة يعرف احتمال كل واحد منا ...ولا يسمح ان تاتية التجارب الا في حدود احتمال طاقتة البشرية...وفي ذلك يقول الكتاب
"ولكن اللة امين , الذي لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون"
[1كو10: 13]
ولعلك تقول :
ما اصعب التجربة التي وقعت علي ايوب الصديق , في موت كل اولادة , وضياع كل ثروتة , وفقد صحتة , وتخلي كل اصحابة ...من يستطيع ان يحتمل كل هذا !
اقول لك :
لولا ان ايوب كان بامكانة احتمال التجربة ,ما سمح اللة بها لة...ان القامة الروحية الجبارة التي لايوب , كانت تناسب التجربة الهائلة التي وقعت علية...
فقد كان ايوب رجلا كاملا ومستقيما , وليس مثلة في الارض
[اي2: 3]
لا تخف اذن , لو كنت في قامة ايوب لامكن ان اللة يسمح لك بتجارب مثل تجارب ايوب...واما وانت في ضعفك , فان اللة لا يسمح لك الا بما تقدر علي احتمالة هل تخاف ان تحدث لك تجارب مثل التي حدثت للقديس الانبا انطونيوس !
هذا الذي ظهرت لة الشياطين بهيئة وحوش مفزعة مخيفة , والذي ضربتة الشياطين حتي تركتة يوما بين حي وميت...
اطمئن ...
لن يحدث لك هذا , الا اذا وصلت الي الدرجة التي تحتمل فيها مثل القديس انطونيوس , وتنتصر مثلما انتصر...
(2)
تاتي التجربة ومعها المنفذ
اي تاتي ومعها الحل ...فلا توجد تجربة هي ظلمة حالكة السواد , بدون اية نافذة من نور...بل هوذا الكتاب يقول عن اللة
"بل سيجعل مع التجربة المنفذ , لتساطيعوا ان تحتملوا"
[1كو10: 13]
لهذا ليس هناك داع لان يياس احد في وقت التجربة
فلكل تجربة حل , بل حلول لا تنظر الي التجربة في شدتها الحاضرة...انما انظر اليها في رجاء , يري الحل الالهي قادما , حتي ان كانت العين البشرية لا تراة الان , ولكنها تراة بعين الايمان التي تعرف تماما محبة اللة وقدرتة علي الحل...
ان التجربة تاتي ومعها النعمة , ومعها المعونة الالهية , ومعها الحفظ والحلول...
وحتي ان كنت انت من النوع الذي لا يحتمل , فاللة قادر وقت التجربة ان يهبك احتمالا وصبرا وعزاء...وهذا منفذ اخر للتجربة , تمر منة وتعبر , ولا تستمر ضاغطة...تم التجارب الصعبة القوية , هي فقط للاقوياء , امثال ايوب وانطونيوس...وهي ايضا للضعفاء الذين يمنحهم اللة قوة وقتذاك...
قوة ما كانو يتخيلونها في انفسهم...
(3)
التجارب التي يسمح بها اللة هي للخير , او تنتهي بخير
وفي ذلك قال الرسول
"كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون اللة"
[رؤ8: 28]
ولهذا
"احسبوة كل فرح يا اخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة"
[يع1: 2]
هذا الايمان بخيرية التجارب , يعطي الانسان المجرب سلاما وهدوءا واطمئنانا , فلا تطحنة التجربة , ولا تضغط علية , بل علي العكس تمنحة فرحا
(4)
ان لها زمانا محددا تنتهي فية
فلا توجد ضيقة دائمة , تستمر مدي الحياة . لذلك في كل تجربة تمر بك , قل "مصيرها تنتهي" سياتي عليها وقت وتعبر بسلام انما خلال هذا الوقت ينبغي ان احافظ بهدوئك واعصابك , فلا تضعف ولا تنهار , ولا تفقد الثقة في معونة اللة وحفظة...
فوائد التجارب
التجربة شئ نافع بلا شك . ولولا منفعتها , ما كان اللة الشفوق يسمح بها...
كثيرون يريدون ان يكون طريق الملكوت سهلا مفروشا بالورود !!!
ولكن هذا عكس التعليم الذي شرحة لنا الانجيل المقدس , اذا قال الرب فية :
"ما اضيق الباب واكرب الطريق الذي يؤدي الي الحياة . وقليلون هم الذين يجدونة"
[مت7: 14]
وقال
"في العالم سيكون لكم ضيق"
[يو16: 33]
وقيل في الانجيل ايضا
"بضيقات كثيرة ينبغي ان ندخل ملكوت اللة"
[اع14: 33]
هذة الضيقات نحتملها لكي نثبت اننا جادون في سيرنا الي الملكوت
ولكي ندخل الي هذا الملكوت باستحقاق , لاننا بذلنا وتعبنا من اجلة...ان كان التلميذ يتعب ويكد , لكي يحصل علي شهادة دراسية...وان كان كل صاحب عمل لابد ان يتعب , لكي ينجح في عملة...هكذا الطريق الروحي :ينبغي ان نتعب فية لنستحق الملكوت...وصدق الرسول في قولة :
"كل واحد سياخذ اجرتة بحسب تعبة"
[1كو3: 8]
والتعب قد نبذلة بارادتنا , او نحتملة ان وقع علينا بغير ارادتنا
وهكذا تكون التجارب التي يحتملها المؤمنون من اجل اللة والثبات في محبتة ...وقد يكون بعضها في مصارعة النفس من الداخل...وبعضها في تحمل الضيقات من الخارج
وهوذا القديس بولس الرسول يقول :
"بل في كل شئ مظهر انفسنا كخدام اللة , في صبر كثير, في شدائد , في ضرورات, في ضيقات في ضربات في سجون, في اضطربات, في اتعاب, في اسهار, في اصوام"
[2كو6: 4, 5]
ومع ذلك يشرح كيف لم يتضايق-هو وزملاؤة- بشئ من هذا, ولم يفقدوا سلامهم, ولم يفقدوا الرجاء باللة, فيقول :
"وكتئبين في كل شئ...لكن غير متضايقين, مضطهدين...لكن غير متروكين"
[2كو4: 8’ 9]
"كمائتين وهما نحن نحيا,كحزاني ونحن دائما فرحون...كان لا شئ لنا,ونحن نملك كل شئ"
[2كو6: 9, 10]
في الضيقات نشعر بالقوي السمائية الكثيرة المحيطة بنا فنتعزي
فنحن لسنا وحدنا مطلقا في التجربة...ولا في وقن الضيقة,بل تحيط بنا نعمة الرب ومحبتة,وتحيط بنا قوات الملائكة القديسين التي قال عنها اللة انها تحيط بخائفية وتنجيهم,وتحيط بنا ايضا ارواح القديسين,تشجعنا وتقوينا...انها خبرة روحية
ومن فوائد الضيقات في العالم,اننا لا نتمسك بمحبة هذا العالم مشتاقين الي السماء
ولو كان النعيم في هذة الدنيا,ما كنا نشتاق الي النعيم الابدي,في الموضع الذي هرب منة الحزن والكابة والتنهد,حيث
"ما لم ترة عين, ولم تسمع بة اذن,وما لم يخطر علي قلب بشر,ما اعدة اللة لمحبي اسمة القدوس"
ونحن كما قال الرسول :
"غير ناظرين الي الاشياء التي تري,بل الي التي لا تري...لان التي تري وقتية,اما التي لا تري فابدية"
[2كو4: 18]
من اجل ذلك كان الاباء القديسون يشعرون انهم علي الارض غرباء,يعيشون مشتاقين الي الوطن السمائي...ينظرون كل حين بالايمان الي
"المدينة التي لها الاساسات,التي صانعها وبارئها اللة"
[عب11: 10]
ولولا الضيقات لتشبث الناس بالبقاء في غربة هذا العالم الزائل...لذلك نحن نقول عن الشخص في يوم وفاتة,انة قد تنيح اي استراح
استراح من هذاالعالم وكل ما فية من شهوة الجسد والروح وتعظم المعيشة...
واستراح من التعب الذي يبذلة للثبات في روحياتة,
واستراح من الضيقات والشدائد والتجارب التي تختبر ارادتة هنا في هذة الحياة الارضية,
واستراح مما في العالم من امراض ومن تعب للجسد وللنفس
الانسان الروحي لا يتعب من الضيقات...وانما ياخذ ما فيها من فائدة روحية...ويفرح بالاكاليل التي ينالها باحتمال التجارب...لا تهزة التجربة...انما في التجربة يختبر حياة الانتصار الروحي عليها...ويختبر كيف ان اللة
"يقودة في موكب نصرتة"
[2كو2: 14]
ان الانسان لا يكلل الا اذا انتصر...ولا ينتصر الا اذا حارب...ولا يحارب الا اذا تعرض لضيقات تمتحن مدي روحانيتة :
حياتةوثبات ارادتة تابعة للمشيئة الالهية
وفي التجارب يتلامس المؤمن مع محبة اللة العاملة في حياتة
ان اللة اذ يري نحبة الانسان لة في وقت الضيقة,يكافئة بما يظهرة لة من حب...وكم من قديسين تمتعوا بهذا الحب في وقت الضيقة
فالقديس يوحنا الانجيلي راي تلك الرؤيا العجيبة وهو منفي قي جزيرة بطمس من اجل الشهادة بكلمة اللة [رؤ1]
والقديس بطرس اختبر عناية اللة بة وهو في السجن[اع12]
واختبر نفس العناية القديسان بولس وسيلا وهما في السجن ايضا [اع16]
تحدث التجارب احيانا بحسد من الشياطن
وبخاصة في ايام الصوم والتناول والحرارة الروحية
فان الشيطان يستعد ايضا لمقاتلتة ومحاربتة,لكي يسقطة في الخطية او في القبور...
اعني ان الاستعداد هنا متبادل :
استعداد من جانب الانسان للنمو في محبة اللة,واستعداد من السيطان لاسقاطة
ان الشيطان يحزن حينما يجد انسان يسير في طريق اللة
لذلك ان حلت بك التجارب في فترة الصوم,لا تحزن.فهذا دليل علي ان صومك لة مفعولة,وقد ازعج الشيطان
بل ان بعدت عن التجارب ,يمكن ان تتسائل :
لماذا يتركك الشيطان بدون نجارب !
هل احتقر او استصغر جهادك الروحي !
الرب يعطينا بركة التجارب والضيقات ويعطينا النعمة والمعونة للانتصار عليها
التوقيع
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى